Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

 الشاعر المغربي سليمان الهواري

الشاعر المغربي سليمان الهواري

قصائد وكتابات الشاعروالأديب سليمان الهواري الموثقة والمنشورة بموقعه الخاص


صدفةٌ .. أقبحُ مِنْ ألفِ ميعاد

Publié par Réda Almoussaoui sur 20 Mars 2017, 13:58pm

Catégories : #قصة, #سرد

صدفةٌ .. أقبحُ مِنْ ألفِ ميعاد

 

صدفةٌ .. أقبحُ مِنْ ألفِ ميعاد
******************
التقيتهُ صدفة بعد اكثر من اثنين و عشرين سنة لم أعرفْ من أخباره إلا القليل .. علمت خلالها انه أصبح مدرسا لمادة التربية الإسلامية .. وياما تساءلتُ كيف انتهى فؤاد في هذه المادة و هو الذي كان يعشق كل ماله ارتباط بالفلسفة و العقل وإثارة الأسئلة .. تذكرتُ كيف كان يفوق زملاءه في القسم سِنًّا هو الآتي من القرية ولمْ يلتحق بالمدرسة إلا في سِنّ الإحدى عشر .. 
كُنا أنا أستاذه وهو تلميذي متقاربين في السن كثيرا .. 
كَمْ التَهَمَ في نهاية الثمانينات من كتب شريعتي و الجابري وبرهان غليون .. حينها ن وبعدما فصّلنا معًا أدبيات حسين مروة ومكتبة كاملة بكل الوان العناوين .. حين جعلته معي مسؤولا في النادي السينمائي للمدينة ومعًا نترأسُ جمعية ثقافية ننفتح من خلالها على شباب المنطقة و فعاليات طلابية بالجامعة الوليدة للمدينة .. 
لمْ نكن نفهم ما الذي سيمنعنا ونحن اساتذة من حضور حلقيات في قلب الجامعة ولا ماكان وزير الداخلية حينها ، مالك الأنفاس يمكن أن يفعله وهو لا يثير فينا أدنى اهتزاز قصبة .. 
كان فؤاد يعشق كتب السيد حسين فضل الله حتى صارت له مصادره الخاصة وأنا لا أذكر بالتحديد كيف تمكن من الحصول على عشرة اشرطة كاملة تمثل منهجا كاملا للسيد الفضل .. كنت حينها أرى فيه شابا يمتلك مشروعا في الحياة وفي الرسالة له بصمته الخاصة وهو ابن الجنوب والصحراء..
كل صفات الجدية و الإلتزام تلبسه .. كيف يمكن ان تنس فؤاد وجحافل البوليس تجتاح مؤسستنا الثانوية ؟ حين كان هو يقود مجموعة خلايا تلاميذية وحده يعرف تفاصيلها .. بقي صامدا و قوات المخازنية تنهال عليهم كما مواجهة في فلسطين .. اعتقلوا فؤاد حينها وبعضَ زملائه وما كان مِنّي و أنا وسط بعض رفاق أساتذة حاولنا أن نمنع المجزرة ما أمكن ، لكن القرار كان أكبر والوزير البَصْري يُكشرعن أنيابه في وجه كل من يحتج ضد التدخل الأمريكي في العرلاق ، إثر غزو الرئيس صدام للكويت .. ما كان مني إلا أن أتابع قساوة هذا النظام في وجه شبابٍ لازال أغلبهم اطفالا .. 
أتذكر ليلتها كيف قطعت مسافة طويلة إلى خارج المدينة كي أصل الى البيت الذي كان يؤوي فؤاد ، بعضَ مساعدة هي أكيد كانت قليلة جدا لكنها كانت ضرورية لأنها تحمل في طياتها حلما ومشروعا و مشاتل أزهار .. 
فؤاد يقود سيارة رباعية الدفع وعلامات النعمة تشع من خدوده الوضاءتين .. كانت تجلس جواره شابة بحجابها الأنيق ،عرفت فيما بعد أنها زوجته الجديدة بعدما طلق نادية تلميذتي وزميلته في الجامعة و الحلقيات ، لترجع نادية إلى قريتها بعد أن اكتفت بشهادة الإجازة التي لم تُغْنها بؤس السؤال وقد تخلّى عنها فؤاد خطيب المسجد الكبير بالمدينة .. فؤاد أصبح له اسم في المجلس العلمي الذي يتوسطه برلمانيو حكومة صاحب الجلالة وتقمص في وجهه قسمات الرزانة هو أسمر اللون الذي شاركنا كما أطفال لعبنا وخرجاتنا لكل هوامش المدينة التي قطعناها طريقا طريقا وكأننا كنا نتجهز لغزوة قريبة .. كانت مرحلة اكتسب فيها فؤاد قدرة الخطابة وبعض مهارات القيادة التي كان يمتلكها بالفطرة .. 
فؤاد لا يشبه جيلا كنتَ ترميه وحده في أشواك الصحراء ثم ترجع إليه بعد سنين لتجده قد أنشأ واحة و الناس حوله يرتوون من بئر هو من حفره .. فؤاد غادر المدينة لاستكمال دراسته العليا ليقطع كل علاقاته بالزمن الماضي و فيالق اللحى المشذبة تستقبله في عاصمة البلاد ليصبح وهو صاحب التجربة الميدانية زعيما أنيقا ومسؤولا حزبيا يليق بموجة المتدينين الجدد .. 
وما هي إلا أيام حتى عاد إلى أهله مظفرا وهو يخوض تجربة الانتخابات الجماعية ومواقعه الاجتماعية تتمدد خاصة وهو ينخرط مع بعض زعماء دار القرآن في وداديات سكنية تأكل هوامش المدينة الفلاحية ليسيطروا مع مرور الوقت على سوق السكن و شبكات قضم العراسي والجنائن و القطع الأرضية التي يعلم الراسخون في الجماعات البلدية وحدهم كيف ستصبح مستقبلا جزء من المدار الحضري للمدينة .. 
فؤاد زادت سمنته كثيرا وهو الذي لا يعرف من الحركات الرياضية الآن إلا ما ينجزه من فرائض الركوع و القيام من السجود وهو يتوكأ على ركبتيه ..
أحسستُ وكأني أتوغل في حضن فؤاد وهو يسلم علي بكل الحب الممكن .. طبيعي أن يسال عن أحوالي وتفاصيل أبنائي الذين شاركهم لقمة الخبز وهو تلميذ ثم طالب حين كان واحدا من أفراد البيت تقريبا ثم شرع يحكي كيف أصبح يمتلك فيلا في قلب حي الموظفين وكيف تمكن من اقتناء عشرات الشقق و لا تكفيه شقة مارتيل لعطل الأسرة ولا تلك التي يمتلكها في شاطئ بوزنيقة حسب مستجدات الفصول .. كلما كان فؤاد يستغرق في فتوحاته كنت أنا أتأمل في وجهه أرشق عينيه بنظراتي فيما هو يُهرب مني نظراته وكأنه يحكي للهواء .. فؤاد لا يذكر على وجه الدقة عدد العمرات والحج التي زار فيها مقامات النبي هو من تثق في تدبير سياحته الدينية مؤسسات سعودية معروفة والعدد الكبير الذي يتمكن من استقطابه حتى يذهب ليغسل أدْرانَ هذا المغرب الموحش في بركات زمزم .. 
فؤاد أصبح متخصصا في نوعية الأثواب التركية وأي الألوان تحتاجها نساء الإخوة المؤمنين في الجماعة .. فؤاد لا تنتهي فتوحاته التجارية سبحان رب العالمين وهو الذي لا يغيب عن دروسه في مؤسسته الثانوية ، مثال الإنضباط .. حكاياته أيضا لا تنتهي .. 
استفقتُ على آذان العصر يُرفع من مسجد قريب لِيُبادرني فؤاد بالسؤال .. 
هل تمتلك بيتا اخي رضا ؟ 
تفحصتهُ جيدا ثم أخدت يده في يدي كما كنت أفعل وهو تلميذ في جلسة هامشية .. 
قل لي فؤاد : هل لازلت تحتفظ بكتب و اشرطة علي شريعتي ؟
فؤاد لم يكلف نفسه عناء الإجابة لكنه رفع ضحكة كانت أقرب إلى قهقهة .. لم أعُدْ أسمع منها شيئا و نحن نقترب من باب المسجد لعلنا نجد مكانا في بيت الوضوء .. 
هو الوجع الملعون يزور أحشائي إذن كلما أطل من جديد زمن الأحلام الموؤودة .. 
الله اكبر الله اكبر .. حي على الصلاة ..
**** الرباط / رضا الموسوي ****

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article

Archives

Nous sommes sociaux !

Articles récents